تسهيل تملك المساكن في السعودية- رؤية 2030 وتنظيمات جديدة
المؤلف: عقل العقل09.10.2025

يُعدّ المسكن اللائق حجر الزاوية في استقرار الأسر وازدهارها في كل المجتمعات بلا استثناء، وتضطلع الحكومات وهيئاتها المحلية بدور محوري في بناء وحدات سكنية مخصصة لذوي الدخل المحدود، تجسيدًا لالتزامها بتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها. وتُعتبر تجربة صندوق التنمية العقاري في المملكة العربية السعودية نموذجًا فريدًا في تحقيق نقلة نوعية في مجال التملك السكني، حيث أسهم بشكل فعال في تمكين شريحة واسعة من المواطنين من الحصول على منازل ميسرة التكاليف على مدى عقود مضت. هذه التجربة التنموية والاجتماعية المميزة، التي تُعرف بمرحلة "الطفرة العمرانية"، تركت بصمة واضحة في تاريخ البلاد، واستمرت في أداء دورها الحيوي من خلال تقديم قروض ميسرة طويلة الأجل للمواطنين، مما أحدث تغييرًا جذريًا في نمط الحياة، حيث انتقلت غالبية السكان من الأحياء الشعبية القديمة إلى أحياء جديدة وفلل عصرية تتسم بالتطور والتباعد.
ومع مرور الوقت، واجهت المنطقة والعالم ظروفًا اقتصادية وسياسية أثرت بشكل ملحوظ في برامج التطوير العقاري الحكومية، مما أدى إلى زيادة الضغط على صندوق التنمية العقاري وتراكم قائمة الانتظار، حيث قد يطول انتظار المتقدمين للحصول على الدعم العقاري لسنوات طويلة. وفي المقابل، اقتحم القطاع الخاص العقاري بقوة هذا المجال، وسيطر على قطاعي الأراضي والفلل الجاهزة، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار، خاصة في العاصمة الرياض، وذلك نتيجة عوامل الاحتكار والجشع التي تفاقمت بسببها المشكلة. الأمر الذي استدعى تدخلاً عاجلاً من سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لإعادة التوازن إلى السوق العقارية، وذلك من خلال رفع الإيقاف عن ملايين الأراضي في شمال العاصمة وتسهيل حصول المواطنين على أراضٍ مناسبة ومطورة بأسعار معقولة، بالإضافة إلى رفع تقارير دورية عن أوضاع السوق العقارية لمعالجة أوجه القصور. واليوم، ينتظر السوق بفارغ الصبر آلية ضبط الإيجارات التي ستعكس سياسة الدولة الثابتة القائمة على اقتصاد السوق الحرة مع تشريعات صارمة تضمن حقوق جميع الأطراف.
تشهد العاصمة الرياض نهضة تنموية شاملة واستثنائية، وتستعد لاستضافة فعاليات دولية كبرى في مختلف المجالات الاقتصادية والرياضية والثقافية. هذا النمو المتسارع جذب العديد من الشركات العالمية لفتح مقرات لها في الرياض، مما أدى إلى تغيير ملحوظ في التركيبة السكانية للمدينة. هذا الحراك الكبير دفع البعض إلى المبالغة في رفع أسعار الأراضي والمساكن بشكل غير مبرر، مما استدعى تدخل الحكومة لتنظيم السوق العقارية وحماية مصالح المواطنين. ويتوقع البعض الآن حدوث ركود أو انهيار في الأسعار، وقد يكون الركود هو السيناريو الأقرب للواقع، حيث من المتوقع أن نشهد تراجعًا تدريجيًا في الأسعار خلال السنوات القادمة، مما سيسهم في تحقيق هدف رؤية 2030 المتمثل في رفع نسبة التملك السكني للمواطنين إلى 70%.
وفي خطوة جديدة نحو دعم التملك السكني، قرر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة برئاسة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إجراء تعديلات على آلية الدعم السكني، بهدف توسيع نطاق الاستفادة من الحلول التمويلية والسكنية المتنوعة. وشملت هذه التعديلات تخفيض سن الاستحقاق للدعم السكني من 25 إلى 20 عامًا، وإلغاء شرط الإعالة من الزوجة والأم المطلقة، وذلك تحقيقًا لمبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين، بالإضافة إلى تقليص خيارات الدعم للاستفادة منها على مدى 5 أعوام حسب الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمستفيدين.